الإرهاب كمصطلح هو حديث النشأة والظهور، حيث ظهر لأول مرة في سنة 1798 م في تذييل أكاديمية فرنسية، وقصد به: وصف حالة الرعب والهلع التي اجتاحت فرنسا ما بين 1793و1794 عندما سمح للشرطة الدخول للمنازل والقبض على المشتبه به. 
عرفت وزارة الدفاع الأمريكية الإرهاب بأنه: أي استعمال غير قانوني لأعمال العنف أو التهديد باستخدامه ضد الأشخاص والممتلكات؛ بهدف إشاعة الرعب وإجبار الحكومة والشعب على أمر ما، ومن ثم تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية.

استأثرت ظاهرة الإرهاب العالمي خلال العقود الأخيرة باهتمام متزايد من البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء؛ نتيجة لتزايد العمليات الإرهابية الدموية والعشوائية في العديد من دول العالم.

استأثرت ظاهرة الإرهاب العالمي خلال العقود الأخيرة باهتمام متزايد من البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء؛ نتيجة لتزايد العمليات الإرهابية في العديد من دول العالم، ولقد تميزت تلك العمليات بالدموية والعشوائية، فكان معظم ضحاياها من المدنيين الذين قادتهم المصادفة ليكونوا في موقع الحادث الإرهابي. ولقد اختلفت التفسيرات والدوافع التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب عالميًا وإقليميًا، فبعضهم يرى أن التنافس والصراع الدوليين يساعدان على تغذية ونمو ظاهرة الإرهاب، فيما يرى آخرون أن الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن أن تظهر في أي مجتمع، فهي مرتبطة بعوامل مختلفة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما شهد العالم أيضاً اهتمامًا متزايدًا بمفهوم الإرهاب ومصادره وأصوله ومدى علاقة العرب والمسلمين بنشاطاته منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أسهم كثير من الباحثين في تفسير الإرهاب وتحليل مضامينه كل حسب اختصاصه، فمنهم من عدّ الإرهاب سلوكيات فردية نفسية وعقلية ومنهجية، ومنهم من حلله بأنه خلل اجتماعي في بناء المجتمع، فيما ربطه بعضهم بعقيدة دينية (الإسلام) أو بقومية محدّدة (العرب).

ويضيف كثير من الباحثين أن أسباب الإرهاب ترجع إلى التوترات الناشئة عن الحياة العصرية، وغياب العدالة، والصعوبات المادية التي تواجهها المجتمعات، ونتيجة للأزمات العائلية والتعقيدات الناشئة عن تعارض القيم المحافظة مع المعاصرة، فيما يرى آخرون أن العوامل سياسية -معظم أعمال العنف تكمن وراءها دوافع سياسية من بينها حق تقرير المصير وجذب الرأي العام إلى مشكلة أو قضية تهم جماعة من الجماعات العرقية، واستخدام القوة ضد الدول الضعيفة والقهر السياسي-، وأسباب اقتصادية خارجية ناتجة عن عدم التوازن في النظام الاقتصادي العالمي، وأسباب اقتصادية داخلية، تتمثل في غياب العدالة في توزيع الثروات الوطنية والفقر والحرمان والبطالة، وأسباب اجتماعية تتمثل في انتهاك حقوق الإنسان بالتعذيب والسجن وتجاهل معاناة الشعوب والقهر الفكري والتهميش الحضاري، وغياب ثقافة التسامح وتشجيع التعصب والكراهية والفكر المتطرف والخطاب المتشدد. فيما يرى بعضهم الآخر أن الإرهاب شكل من أشكال العنف السياسي غير الأخلاقي وغير المبرر، ولكن هذه الرؤية لا بد أن تخضع لقراءة واقعية موضوعية، لأن الإرهاب في حقيقته ينطوي على مواجهة بين نقيضين، كل نقيض يجد في الصراع المحتدم وجهًا يبرر موقفه ويضفي الشرعية على تصرفاته، وعلى الرغم من كل ذلك لا يزال هناك خلافات متعددة حول تحديد مفهوم دقيق وواضح لمصطلح الإرهاب، ليبقى المصطلح الأكثر إثارة، والأكثر تداولاً في مجالات الإعلام والسياسة والثقافة والعلاقات الدولية والحضارية.

إنه من الثابت لدى أغلب المحللين أن الحرب على الإرهاب أدت إلى عولمة الإرهاب، حيث أدت الحرب على الإرهاب في كل من سوريا والعراق وأفغانستان إلى معاقبة شعوب تلك الدول، فقتلت وشردت الملايين مما عمق الشعور بالمهانة والظلم، كما أنها قضت على معظم إرث الدول الحضاري الذي يعود إلى آلاف السنيين.

أكدت وثائق عصبة الأمم على أن اتفاقا لمنع الإرهاب والمعاقبة عليه كان قد أُعد منذ العام 1937، كما أفلحت الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاقية دولية لمنع الاستيلاء على الطائرات عام 1971، واتفاقية حماية المبعوثين الدبلوماسيين سنة 1973، واتفاقية منع أخذ الرهائن لسنة 1979، وضمن هذا المسعى رأت عام 1988 أن الإرهاب هو "كافة الأفعال ذات الطبيعة الإجرامية المرتكبة ضد دولة أُخرى أو سكانها بهدف إثارة الرعب لدى الأشخاص أو الجماعات أو الشعب". وتُوجت خطوات الأمم المتحدة في إعداد إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب من أجل تحسين الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وفي تاريخ 8 أيلول 2006 اعتمدت الدول الأعضاء تلك الإستراتيجية التي قامت على الأركان الآتية:

الركن الأول: التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب.
الركن الثاني: تدابير منع الإرهاب ومكافحته.
الركن الثالث: التدابير الرامية إلى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته، وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد.
الركن الرابع: التدابير الرامية إلى احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساس لمكافحة الإرهاب.
ولقد أكدت الوثيقة على التزام زعماء العالم بمؤازرة جميع الجهود الرامية إلى دعم المساواة في السيادة بين جميع الدول، واحترام سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي والامتناع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها، ودعم تسوية النزاعات بالوسائل السلمية، واحترام حق الشعوب التي لا تزال تحت السيطرة والاستعمار أو الاحتلال الأجنبي، كما أكدت على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وعدم التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، وعدم ربط الإرهاب بأي دين أو عرق أو جنس أو جماعة عرقية.

على الدول أن تعالج الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، مثل غياب سيادة القانون، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز العرقي أو الديني أو الوطني، والاستعباد السياسي، والتهميش الاجتماعي والاقتصادي.

لذا يجب لزامًا على الدول أن تعالج الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، ومن بينها: الصراعات طويلة الأمد التي لم تحل، وغياب سيادة القانون، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز على أساس الانتماء العرقي والوطني والديني، والاستعباد السياسي، والتهميش الاجتماعي والاقتصادي، والافتقار للحكم الرشيد. ولمواجهة الظروف أعلاه يجب على الدول أن تعزز ثقافة السلام والعدالة والتنمية البشرية، والتسامح العرقي والوطني والديني، واحترام جميع الأديان والقيم الدينية والمعتقدات والثقافات من خلال تشجيع برامج التثقيف والتوعية العامة لتشمل جميع طبقات المجتمع، وتشجيع الحوار بين الأديان والحضارات. كما يجب على الدول أن تسن القوانين التي تحظر التحريض على الأعمال الإرهابية، وأن تحاول القضاء على البيئة الخصبة لتوليد الإرهاب من خلال محاولة القضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة والرفاه للجميع؛ مما يسهل تأهيل الشباب الذين يعانون من البطالة والتهميش.
كما يجب على الدول أن تتخذ الخطوات الجادة لحرمان الإرهابيين من الوصول إلى الوسائل التي تمكنهم من شن اعتداءاتهم وبلوغ أهدافهم من خلال منع تنظيم أية أنشطة إرهابية، واتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من عدم السماح للإرهابيين باستخدام أراضي الدول لإقامة المنشآت والمعسكرات التدريبية، وملاحقة أي شخص يدعم أو يسهل أو يشارك في تمويل أية عمليات إرهابية أو التخطيط لها.
كما على الدول أن تعزز التنسيق بينها لمكافحة الجرائم ذات الصِّلة بالإرهاب، ومن بينها الاتجار بالمخدرات والاتجار غير المشروع بالأسلحة، وتكثيف التعاون بين الدول في تبادل المعلومات الدقيقة المتعلقة بمنع الإرهاب ومواجهته، ومضاعفة الجهود الرامية إلى تحسين وسائل أمن وحماية الأهداف المعرضة للخطر.
كما يلزم تنسيق الجهود المبذولة على الصعيدين الدولي والإقليمي، وتكثيف جهود التعاون ما دون الإقليمي والثنائي؛ من أجل مراقبة الحدود بغية منع وكشف تحرك الإرهابيين، وتنسيق الجهود المبذولة على الصعيدين الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتشجيع الدول على إنشاء آليات أو مراكز لمكافحة الإرهاب وتعزيز الموجود منها، كما يمكن اعتبار إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب جزءًا من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب.

اللواء الدكتور فايز الدويري 
كاتب، وخبير عسكري