يعدّ الإرهاب جريمة لاتستهدف الضحايا فقط، ولكن تمس المجتمعات برمّتها؛ كونه يحمل عقيدة قتالية خطيرة، تهدف إلى هدم المنظومتين: الأمنية، والسياسية؛ لإثارة الفوضى، وإيجاد موطئ قدم للأعداء. ولا أبالغ إن قلت: إن العالم يعيش اليوم على وقع وتيرة مضطربة، يمكن اعتبار الإرهاب سببها الرئيس، ومحركها الأساس. وبقدر ما تنطوي عليه التطورات الجارية، والأحداث المعاصرة، فإن التأكيد على ضرورة استئصال ظاهرة الإرهاب المقيت أصبح حقًاً مشروعًا للدولة. أمام كل هذه المعطيات التي نعيشها، والتي تتكشف يومًا بعد يوم، بعد أن شكّل الإرهاب انتهاكًا لحقوق الإنسان، وتسبب في عدم الاستقرار على الصعد كافة؛ نتيجة الأجندات الخفية لإنتاج الفوضى، والتطرف؛ بغية تغيير المعادلات السياسية، والجغرافية في المنطقة، يهدف التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب إلى عدم بروزه من جديد، وسيقمع دعاة الفتنة، والتطرف، وأجنداتهم التخريبية القائمة على بث الفوضى، وتوظيف الاختلافات الدينية والفكرية؛ من أجل إضعاف الدول ككيانات حاضنة للشعوب، والأقاليم، والسلطة السياسية، إضافة إلى تفكيك الأواصر بين مكونات المجتمعات.

"يشكل التزام دول التحالف الإسلامي بدورها في تعزيز جهود محاربة الإرهاب، وإرساء دعائم الأمن، والاستقرار في المنطقة حائط صد في وجه الإرهاب، ومن يغذونه بالأموال، والأسلحة"إن التزام دول التحالف الإسلامي بدورها في تعزيز الجهود كافة لمكافحة الإرهاب، وإرساء دعائم الأمن، والاستقرار في المنطقة، وعدم التهاون في ملاحقة الأفراد، والجماعات، إضافة إلى دعمها السبل كافة في هذا الإطار على الصعيد الإقليمي والدولي، ومواصلة مكافحة الأنشطة الإرهابية، واستهداف تمويل الإرهاب أيًا كان مصدره، والاستمرار في العمل مع الشركاء في جميع أنحاء العالم بشكل فعّال؛ للحد من أنشطة التنظيمات الإرهابية، والمتطرفة التي لا ينبغي السكوت من أي دولة عن أنشطتها، يشكّل حائط صد في وجه الإرهاب، ومن يغذونه بالأموال، والأسلحة.


"تتطلب معالجة الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتصدي لكل أشكال التطرف تنسيقًا دوليًا، وتعاونًا إقليميًا"وعلى أي حال، فإن هذه الجهود المباركة، تؤكد على أن معالجة الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الإرهاب، وداعميه، يتطلب تنسيقًا دوليًا، وتعاونًا إقليميًا؛ لتجفيف منابع التمويل، والتصدي لكل أشكال التطرف عبر الحملات الإعلامية المضادة؛ باعتبار أن سلطة القانون أقوى من سلطة الإرهاب. واتساقًاً مع هذا المنحى، فإن دلالات الحاضر، وسيناريوهات المستقبل، تؤكد على أن ظاهرة الإرهاب تخضع في مجملها - رغم اتفاق كل تجلياتها في عدم الأخلاقية - إلى اختلاف الدوافع، والمظاهر، والأهداف، وعندما يتم تحويلها إلى أيديولوجيا محددة، تستصحب مكانة مركزية لفكرة الهوية من قبل البعض، وقد يضمن لها ذلك الاستمرار حينًا من الوقت، إلا أنها ستفشل في التحول إلى عقيدة سياسية في غالب الأحيان.

في المقابل، فإن اعتبارها، أي: الظاهرة المعادل السياسي، والأخلاقي للتنظيمات الإرهابية، فإن هذا الخلط في المفاهيم كان خاطئًا في معظم جوانب السلوك والسياسة، ولاسيما في العلاقات مع النظام الدولي، والإقليمي؛ لأنها ليست مبنية على أدلة ثابتة، وإنما تتقيد بالنهج الصارم في تفسير قمعي بشكل متطرف، ووحشي للشريعة الإسلامية من سفك للدماء، وإزهاق للأرواح البريئة، دون رادع ديني، أو إنساني، وزرع الفتنة، واستباحة دماء الآمنين، والاعتداء على المقدسات، والحرمات.

ما يزيد من أهمية تطوير الإستراتيجيات المتبعة لمكافحة التنظيمات الإرهابية، أنه أثمر التعاون الإقليمي في التضييق على الدعاية السياسية، والدينية، إضافة إلى تزامن تجفيف منابع الدعم الخارجي لها. وهذا يؤكد حاجتنا الفعلية إلى إعادة صياغة نموذج مكافحة الإرهاب حتى يشمل الوقاية، والتدخل، وإعادة التأهيل، بوصفها المحك الحقيقي لمدى قدرة الإنسان المعاصر في تجاوز هذه الإشكالية.