تشتمل سياسةُ مكافحة الإرهاب على الخطط العسكرية والإستراتيجيات والممارسات والتقنيات التي تستخدمها الحكومةُ والجيش والاستخبارات وأجهزة تطبيق القانون وقِطاعُ الأعمال؛ لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه. وتعتمد الحكومةُ في تنفيذ خططها على استخدام أدوات السُّلطة الوطنية؛ لإقصاء التنظيمات الإرهابية وشبكاتها، وجعلها غيرَ قادرة على ممارسة العنف وبثِّ الرعب، وإلجاء المواطنين إلى الردِّ بما يحقِّق أهداف التمرُّد. 
وتتخذ قواتُ الدفاع والأمن تدابيرَ لمكافحة التمرُّد؛ بمنع الفوضى والتخريب، ومواجهة التهديد بالعنف الذي يؤثِّر في الأمن العامِّ. وتتصدَّى الكاميرون لإرهاب جماعة بوكو حرام على طول حدودها الشَّمالية الشرقية مع نيجيريا منذ مايو 2014م، عندما اتخذت قمَّة باريس للأمن في حوض بحيرة تشاد قرارًا بالإجماع بمحاربة هذه الجماعة. وقد عُدِّلت الأحكام القانونية لتقنين مكافحة الإرهاب في الكاميرون. 

مفاهيم وتشريعات
شهد العِقدُ الماضي زيادةً في دراسات الإرهاب في منطقة بحيرة تشاد، وكان تعريفُ الإرهاب من المسائل الشائكة والمثيرة للجدل والقابلة للتفسيرات المتباينة. وحدَّدت العواملَ التي تُسهم في تعقيد تعريف الإرهاب. ووَفقًا لونبرغ فإن العواملَ الرئيسة التي تمنع تقديمَ تعريف رسميٍّ معتمَد للإرهاب تشمل استخدامَ المصطلح لأغراض سياسية مرتبطة بالخصائص التحليلية للتهديد. ويجادل آخرون بأن صعوبة تعريف الإرهاب تنبُع من الحاجة إلى تطوير معنى واقعيٍّ للمصطلح. 
ولا يزال «مصطلح الإرهاب» غامضًا، على الرغم من سعي الحكومات والعلماء إلى تعريفه؛ بإدخال أيِّ نوع من أنواع العنف غير التقليدي في مفهومه. وبسبب هذا الاختلاف في النهج، لا يزال التفسيرُ القانوني هو التعريفَ الأساسي والمعترفَ به رسميًّا والمستخدمَ لدى الحكومة الكاميرونية. وتعرِّف المؤسسةُ التشريعية الإرهابَ: أنه الارتباطُ الذاتي مع مؤسسة فردية أو جماعية بهدف النيل من النظام العامِّ؛ ببثِّ الرعب والهلع. فلا يقتصر الإرهابُ على الأعمال والعمليات التخريبية الخطِرة المنفَّذة على أرض الواقع، بل يكفي أن تكونَ الممارسات تهديدًا أو تخويفًا فقط حتى تُصنَّف إرهابية، وهذا هو الموقفُ الفيصل الواجب في دولة القانون.

ردود أفعال حكومية
وقد أدَّى ازديادُ الأعمال الإرهابية في أقصى شماليِّ الكاميرون إلى اتخاذ عدد من الإجراءات الحكومية تجاه هذا التهديد. وعلى الرغم من أن أهداف مكافحة الإرهاب لا تتعارضُ مع حماية حقوق الإنسان اتخذت الحكومةُ تدابيرَ قد تؤدِّي إلى ما يتعارض مع حقوق الإنسان، ومن ذلك اللجوءُ إلى عقوبة الإعدام. فالكاميرون سنَّت قانونًا في 23 ديسمبر 2014م لقمع الأعمال الإرهابية، ناقشه البرلمانُ واعتمده ثم أصدره رئيس الجمهورية، وينصُّ على أن قمع أعمال الإرهاب يكون وَفقَ قانون العقوبات، وقانون أصول المحاكمات الجزائية، والقضاء العسكري، الخاضعة للاختصاص الحصري للمحاكم العسكرية، ويعاقِبُ بالإعدام أيَّ شخص ارتكب بنفسه أو بالتواطؤ أو التعاون أيَّ عمل أو تهديد سبَّب أو قد يسبِّب الوفاةَ أو أضرارًا جسديةً أو مادية، أو يُلحق الضررَ بالموارد الطبيعية أو البيئية أو التراث الثقافي؛ بقصد إرهاب السكَّان أو نشر الرعب، أو إجبار الضحايا أو الحكومة أو أي منظمة وطنية أو دَولية على تنفيذ عمل ما أو الامتناع عن القيام بأيِّ عمل، أو تبنِّي موقف ما أو التخلِّي عنه، أو التصرف وَفقًا لمبادئَ معينة، أو منع الأداء الطبيعي للخِدْمات العامَّة، أو الحيلولة دون توفير الخِدْمات الأساسية للسكَّان، أو خلق أزمة بين السكَّان. 
ويندرج في نطاق القانون المذكور أيُّ دعم لشخص ما لتحقيق هذه الأهداف بتوفير الأسلحة والموادِّ الحربية أو الكائنات الحية الدقيقة أو العوامل البيولوجية الأخرى واستخدامها، ولا سيَّما الجراثيم (الفيروسات أو البكتيريا) أو الفِطريات أو السُّموم أو العوامل الكيميائية أو المشعَّة أو المخدِّرة. وينطبق هذا أيضًا على أيِّ دعم مالي لأعمال الإرهاب. أما إذا استهدفت هذه الأعمالُ الغطاء النباتيَّ والحيَوانات، فتطبَّق عقوبةُ السَّجن المؤبَّد. 
وجرى الإعلانُ عن الخِيار العسكري رسميًّا لمواجهة هذا التهديد غير المتكافئ الذي تمثِّله جماعةُ بوكو حرام في المنطقة، إضافة إلى اتِّباع أساليبَ أخرى أقلُّ قسرية مع الخيار العسكري.
وفي مارس 2016م صدرت عدَّةُ أحكام بالإعدام على أشخاص يُشتبَه في انتمائهم إلى بوكو حرام.

المواجهة والاحتواء
بذلت دولُ حوض بحيرة تشاد؛ الكاميرون، وتشاد، والنيجر، ونيجيريا، جهودًا في التنسيق لمكافحة جماعة بوكو حرام بقوة عمل مشتركة متعدِّدة الجنسيات. لكنَّ التنسيق لم يكن مكتملًا، وأدَّى غيابه في مسائل التخطيط والتمويل إلى ضعف أداء القوة المشتركة. ويقوم المقاتلون المتطرفون بإعادة تجميع صفوفهم، واحتلال الأرض، وشنِّ هجَمات عقابية على مواقع الجيش الكاميروني وسكَّان الحدود. ولم تكن الحكومةُ الكاميرونية في البداية سريعةً في الردِّ على تهديد بوكو حرام؛ لأنها مشكلةٌ داخلية نيجيرية. لكنَّها لم تلبث أن قامت بالاتفاق مع لجنة حوض بحيرة تشاد للمشاركة في الردِّ العسكري، والتنسيق مع قوة المهامِّ المشتركة متعدِّدة الجنسيات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في الشأن العسكري فإن الإستراتيجيةَ الجيدة لمحاربة مختلِف فصائل بوكو حرام حول بحيرة تشاد لا تعتمد على العمليات العسكرية فقط، بل على قدرة الدول الأربع على تحسين الظروف المعيشية للسكَّان المحلِّيين وكسب ثقتهم. خصوصًا بعد ظهور الآثار السلبية للقيود المفروضة بعد هجَمات مروى في يوليو 2015م؛ كحظر النقاب، وإغلاق الحدود، وتحديد ساعات ركوب الدرَّاجات النارية وسيارات الأجرة، وانتهاكات الجيش التي أسفرت عن زيادة الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، ودفعت بجزء من السكَّان عمومًا، والنساء خصوصًا، إلى التطرف، وألجأت الكثيرَ من الشباب إلى الالتحاق بجماعة بوكو حرام، وانضمَّ إليها آلافُ الكاميرونيين فيما بين سنتي 2012م و2016م؛ بدافع القناعة الفكرية، أو لبواعثَ انتهازية، أو بالإكراه.
وباتت القوةُ المشتركة متعدِّدة الجنسيات مقتنعةً الآن بأنه لا يمكن هزيمةُ الفكر والعقيدة بالصواريخ والمدافع. لذلك وضعَت مبادراتٍ للحوار بين المدنيين والعسكريين مع السعي الجادِّ في تطوير برامجَ لمكافحة التطرف ونزع فتيله، تكون مصاحبةً للعمل العسكري. وفي ظلِّ هذه الظروف، وبإلهام من نظرية ديفيد غالولا، يطوِّر الجيش نموذجًا جديدًا لمبادرة بناء الثقة بين المدنيين والعسكريين.
وبذلك يتيح العسكريون المجالَ لنوع جديد من الجنود الأطبَّاء والبنَّائين والمعلِّمين، ممَّن يعملون على مساعدة سكَّان المناطق المتضرِّرة من هجَمات بوكو حرام الذين يتطلَّعون إلى عودة الخِدْمات العامَّة في الدولة. ومن أجل تعزيز المكاسب العسكرية في محاربة بوكو حرام واستعادة السلام الدائم في أقصى الشَّمال، انتقلت الحكومةُ الكاميرونية من نهجٍ قائم على الأمن إلى نهجٍ قائم على التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة التطرف الديني. 
وأطلقت الكاميرون عمليةَ نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج. ووقَّع الرئيس بول بيا في نوفمبر 2018م على المرسوم الذي يوضح أن هذا البرنامجَ يستهدف مقاتلي بوكو حرام في أقصى الشَّمال، والهدفُ هو إعادة الموافقين على إلقاء أسلحتهم إلى الحياة المدنية. ويتيح جمعُ الأسلحة وصولَ المقاتلين السابقين إلى معسكرات التجميع والتمتُّع بالدعم الذي توفِّره برامجُ مكافحة التطرف. وتشجع الرعايةُ المستمرَّة لهؤلاء الأفراد الأعضاءَ الآخرين على الاستسلام، مما يُضعف جماعة بوكو حرام. وأظهرت سياسةُ الجنرال بوبا دوبيكريو هذه نجاحًا كبيرًا في دفع الكثير من المقاتلين النشطين إلى الاستسلام الطوعي، وعزَّزت لديهم فكرةَ وجود بديل للحركة مع ضمان الحماية لهم.
وتؤدِّي لجان اليقظة عملًا أساسيًّا في مكافحة بوكو حرام؛ بتسهيل عمليات عودة أفراد الجماعة إلى الانتماء للدولة، بفضل المعلومات الاستخباراتية التي تقدِّمها إلى قوات الدفاع، والتي تدعمها بأعمال الاستكشاف والإرشاد. ويُقسِم العائدون علنًا مع وضع اليد على المصحف أنهم لم يعودوا جزءًا من بوكو حرام. ويعدُّ هذا الإجراء نمطًا غير تقليدي للتوبة وهو غير مقنعٌ للمجتمعات المفجوعة التي يُطلب منها فجأة أن تعفوَ وتصفحَ عمَّن ارتكب الجرائم العنيفة وأضرَّ بمصالح الناس الخاصَّة والعامَّة ضررًا كبيرًا.

خُلاصة القول 
إن سياسة الكاميرون في مكافحة الإرهاب تعتمدُ على جملة من الإجراءات القضائية، والأولوية القصوى لدى الحكومة هي الدفاعُ عن سلامة أراضي الدولة ووَحدتها. وهذا ما قد يفسِّر في البداية ردَّ الفعل الدفاعي البحت على جماعة بوكو حرام، ثم ما لبث نهجُ التكاتف والتنسيق بين بلدان حوض بحيرة تشاد أن ينشأ ويقوى، ليعتمدَ كثيرًا على التعاون مع السكَّان المحلِّيين في الحوار المدني العسكري للحدِّ من هجَمات بوكو حرام، وتقليص الخسائر البشرية، بفضل أعمال لجان اليقظة. 
وأسهم إطلاقُ عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج في إضعاف الجماعات الإرهابية على طول الحدود الكاميرونية مع نيجيريا. وساعدت التعاليمُ الإسلامية التي تحثُّ على العفو والصَّفح والتوبة مقاتلي بوكو حرام الذين أغوتهم أفكار الحركة على التخلِّي عن الإرهاب. وهذه الأساليبُ الجديدة في التعامل مع الإرهاب تحتاج إلى الوقت الكافي للحكم عليها، مع أنها تؤدِّي إلى نتائجَ ملموسة على المدى القصير، في التخلِّي عن بوكو حرام، ونبذ الفكر المتطرف. 
إن الانتصاراتِ والنتائجَ الإيجابية الحالية تُتيح إعادة البناء والتعليم والصحة والتنمية الاقتصادية التي من المرجَّح أن تكتملَ مع عودة الخِدْمات العامَّة وعودة الدولة الكاميرونية إلى أراضيها المجاورة لشمال شرقيِّ نيجيريا.