محتوى الصفحة
مفهومُ الحرب العادلة من المفاهيم الإشكالية في حقل الفكر السياسي والعَلاقات الدَّولية والدراسات الأمنية المعاصرة؛ فإن طرح سؤال عن عدالة الحروب هو في ذاته سؤال إشكالي لجدوى الحروب التي شهدتها البشرية، وما زالت تشهدها. إنه إشكالٌ أخلاقي قبل أن يكونَ أكاديميًّا: فهل هناك حربٌ عادلة؟ وهل يمكن تسويغُ الحرب أخلاقيًّا؟ وهي أسئلة قديمة قِدَم بروز الحرب في صراع المصالح المادِّية والرمزية بين البشر، والجواب عنها يكون من مبادئَ ومعايير خاصَّة، ليست أعرافًا أو قواعدَ قانونية ملزمة للأطراف بقَدر ما هي ميثاقٌ لأخلاق الحرب والسِّلم، تحدِّد ما ينبغي أن يكون، وبعضها يؤطِّر مرحلةَ ما قبل شنِّ الحرب، وبعضها يؤطِّر مرحلةَ الحرب بعد اندلاعها.
لعلَّ أولَ من ناقش الموضوعَ من زاوية تخصُّصية "أكاديمية" بحتة هو الفيلسوفُ الأمريكي "مايكل والزر Michael Walzer" في كتابه "الحروب العادلة وغير العادلة" الذي ميَّز بين ما يُعَدُّ حربًا عادلة وحربًا غير عادلة؛ طِبقًا لمعاييرَ نظريةٍ محدَّدة. وسنتناول في هذه الدراسة أطروحة الباحث "إيريك إدوين سميث" بجامعة أوبرن، ألاباما، بالولايات المتحدة الأمريكية: "نظرية الحرب العادلة والفاعلون غير الحكوميين" بالعرض والقراءة التحليلية.