تسجيل الدخول
24/04/2022
أصدرت وكالةُ تطبيق القانون الأوروبية (يوروبول) التابعةُ للاتحاد الأوروبي، تقريرَها السنويَّ (واقع الإرهاب واتجاهاته في بلدان الاتحاد الأوروبي 2021م Terrorism Situation and Trend Report 2021 (TE-SAT). سجَّل التقريرُ الأحداث والتطوُّرات المتعلِّقة بالإرهاب، ورصدَ بالتفصيل وضعَ الإرهاب والهجَمات الإرهابية والاعتقالات في الاتحاد الأوروبي في عام 2020م، وقدَّم لصُنَّاع القرار ملامحَ الظاهرة الإرهابية في أوروبا بجوانبها الكمِّية والكيفية.

مبيِّنًا أنَّ ستَّ دول من أعضاء الاتحاد الأوروبي أبلغت عن 57 هجومًا إرهابيًّا ناجحًا أو فاشلًا أو مُخفِقًا في عام 2020م، وأن 21 شخصًا في تلك الهجَمات قُتل، مقارنةً بعام 2019م الذي شهد 119 هجمة، قُتل فيها عشَرة أشخاص. 

وأُبلغ عن 449 حالة اعتقال للاشتباه بارتكاب جرائمَ إرهابية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في عام 2020م، في حين أبلغَت المملكة المتحدة عن 185 حالة اعتقال ذاتَ صلة بالإرهاب. وهذا الرَّقْم أقلُّ بكثير مما كان عليه في عام 2019م (1004 حالات اعتقال، منها 281 في المملكة المتحدة). ومن غير الواضح ما إذا كان هذا يشيرُ إلى انخفاض النشاط الإرهابي، أو أنه ناتجٌ عن التغييرات في القدُرات التشغيلية للسُّلطات العامَّة في أثناء جائحة كوفيد 19.

الإرهاب المسلَّح
تناول التقريرُ الإرهاب المسلَّح الذي يمارسه تنظيم داعش أو غيره من التنظيمات المشابهة، أو الذين يعتنقون أفكارها ويتصرَّفون بإلهام منها. وفي عام 2020م شهدَت ثلاثُ دول أعضاءٍ في الاتحاد الأوروبي هي: النمسا، وفرنسا، وألمانيا، عشرة هجَمات من إرهاب هذه الجماعات، أسفرت عن مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثرَ من 47 شخصًا، وأُحبطَت أربعُ هجَمات في بلجيكا وفرنسا وألمانيا. وفي المملكة المتحدة نُفِّذت ثلاثُ هجَمات إرهابية، وأُحبطَ مخطَّطان للهجوم، وتعرَّضت سويسرا لهجومين. وهذا يعني أنَّ عدد الهجَمات الناجحة في أوروبا (الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة) في عام 2020م، كان أكثر من ضِعف ما كان عليه في عام 2019م.

وكان النوعُ الأكثر شيوعًا من تلك الهجَمات في الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة، هو الاعتداءاتُ في الأماكن العامَّة التي تستهدف المدنيين بإطلاق النار أو الطعن أو الدعس بمركبات، وكان جميعُ المهاجمين ذكورًا تتراوح أعمارُهم بين 18 و33 عامًا. 

واختلفت توجُّهات أُسَر الإرهابيين أو مكان ولاداتهم؛ فقد ارتكب أفرادٌ يحملون جنسية الاتحاد الأوروبي أربعَ هجَمات ناجحة، ودخل مرتكبو خمس هجَمات إلى الاتحاد الأوروبي بصفة طالبي لجوء أو مهاجرين غير شرعيِّين، وارتكب جميعَ الهجَمات الناجحة أفرادٌ تصرَّفوا بمفردهم (ذئاب منفردة). وتبيَّن أنَّ عددًا من المشتبَه بهم الذين قُبضَ عليهم في عام 2020م، أجرَوا اتصالاتٍ عبر الإنترنت مع أتباع جماعات إرهابية خارج الاتحاد الأوروبي.

كذلك اعتُقل 254 شخصًا، %87 منهم ذكور؛ للاشتباه في ارتكابهم جرائمَ أو الانتماء إلى جماعة إرهابية، أو نشر دعاية إرهابية، أو التحضير لأعمال إرهابية، أو تسهيل الإرهاب وتمويله. وبذلك انخفضَ إجماليُّ الاعتقالات للاشتباه في الإرهاب في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بأكثرَ من النصف مقارنةً بالسنوات السابقة.

ولا تزال الدولُ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قلقةً من التجنيد في السُّجون، ومن التهديد الصادر عن السُّجناء المفرَج عنهم من مؤيِّدي داعش والقاعدة. ففي خمسة حوادثَ إرهابية (في النمسا وألمانيا والمملكة المتحدة) وقعت في عام 2020م، شارك مهاجمون مُفرَجٌ عنهم من السُّجون، لكنَّ معدَّل العودة إلى الإجرام بين المحكومين بالإرهاب في أوروبا لا يزال منخفضًا نسبيًّا.



وقد استُخدم التجنيد في القاعدة وداعش بواسطة الشبكات عبر الإنترنت، ولا سيَّما عبر خِدْمات الرسائل المشفَّرة، أو بواسطة العَلاقات خارج الإنترنت، مثل العَلاقات مع الأصدقاء أو أفراد العائلة. وكما في السنوات السابقة قدَّمت دعايةُ داعش والقاعدة وغيرهما، خارج الاتحاد الأوروبي، محتوًى متطرِّفًا عبر الإنترنت لأعضائهم ومناصريهم في أوروبا، تضمَّنت التحريضَ على الهجَمات الفردية في الدول الغربية. ومع ذلك انخفضَت الدعايةُ التي تنتجها وسائلُ الإعلام الرسمية لتنظيم داعش كثيرًا في مقدارها ونوعها عام 2020م. 

وشدَّد التنظيم في دعاياته على النجاحات العسكرية له خارج سوريا والعراق، في محاولة لإثبات استمرار سيطرته على الأراضي، وناشد مقاتليه وأنصاره إطلاقَ سَراح سُجناءَ مسلمين، ومنهم الموجودون في أوروبا، ودعا إلى هجَمات الذئاب المنفردة، وسعى في إعادة إنشاء شبكاته على الإنترنت بعد إزالة مِنصَّته على تطبيق (تليغرام) في نوفمبر 2019م. واستمرَّ تنظيم القاعدة في الحفاظ على حضور دعايته على الإنترنت في عام 2020م؛ باستخدام وسائله الإعلامية للتعليق على الأحداث الجارية، وتأكيده علنًا العَلاقةَ بين فروعه الإقليمية.

وأُبلغ عن عدد قليل جدًّا من محاولات سفر مؤيِّدي داعش والقاعدة وأشباههما، إلى مناطق النزاع في عام 2020م، وعن عودة %20 إلى %50 من جميع المسافرين إلى العراق وسوريا منذ بداية النزاع. وقد أثَّرت قيودُ السفر بسبب انتشار وباء كورونا (كوفيد 19)، في عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب (FTFs) إلى أوروبا. ومع ذلك، أُبلغَ عن عدد قليل من العائدين إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. 

إرهاب اليمين المتطرف
شهدَت ثلاثُ دول أعضاءٍ في الاتحاد الأوروبي أربعَ هجَمات إرهابية نفَّذها اليمينُ المتطرف، أسفر هجومٌ واحد منها عن مقتل تسعة أشخاص في ألمانيا التي أحبطَت هجمة أخرى، وكان ثلاثةٌ من الجناة الأربعة (بينهم امرأة) من مواطني الدولة التي وقع فيها الهجوم أو خُطِّط له.

واعتُقل 34 شخصًا في ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي للاشتباه في تورُّطهم في نشاط إرهابي يميني، أو بتُهَم الانتماء إلى جماعة إرهابية، أو التخطيط لهجوم أو التحضير له، أو حيازة أسلحة. وكان أغلبُ المشتبَه بهم من الذكور، وبلغ متوسِّط أعمارهم 38 سنة، وهم من مواطني الدولة التي قُبضَ عليهم فيها.

ومن المثير للقلق أنَّ عددًا من المشتبَه بهم كانوا قُصَّرًا وقت الاعتقال، وكان معظمُهم مرتبطين بمجتمعات عبر الإنترنت بدرجات متفاوتة من التنظيم تروِّج العنفَ، وتتبنَّى مفهوم «المقاومة بلا قيادة». 

واستمرَّ التطرف والإرهاب اليميني في إنشاء مجموعات غير متجانسة من ذوي العقائد والأهداف السياسية، بدءًا من عناصر المنفردين المرتبطين بالمجتمعات المتطرفة عبر الإنترنت، وانتهاءً بالمنظمات الهرَمية. ونجحت كثيرٌ من بلدان الاتحاد الأوروبي في تفكيك الجماعات العنيفة للنازيين الجدُد والمتفوِّقين البِيض، أو حظرها، ممَّن يدعون إلى مهاجمة اليهود أو المسلمين، وتدمير النظام الديمقراطي، وإنشاء مجتمعات جديدة قائمة على عقيدة عنصرية. وموَّلت بعضُ هذه الجماعات أنشطتها باتِّباع وسائلَ إجرامية، ومنها الاتِّجارُ بالمخدِّرات.

ومن العوامل التي تزيدُ من قدرة المتطرفين اليمينيين على ارتكاب أعمال عنف، التدريبُ القتالي، والحصولُ على الأسلحة، وهم يهتمُّون كثيرًا بالتدريبات شِبه العسكرية، التي يمارسونها أحيانًا خارج الاتحاد الأوروبي، ولا سيَّما في روسيا.

ودفع الوعيُ العامُّ بالأزَمات المناخية والبيئية المتطرفين اليمينيين إلى الترويج الكبير لوجهات النظر الفاشية البيئية، التي تَعزو هذه الأزَمات إلى الزيادة السكَّانية والهجرة، وإخفاق الأنظمة الديمقراطية في معالجتها. وكثيرًا ما استخدموا ألعاب (الفيديو) في عام 2020م؛ لنشر دعاياتهم المتطرفة والإرهابية، ولا سيَّما بين الشباب، واستمرُّوا في استخدام مجموعات شتَّى من المِنصَّات على الإنترنت، ووسائل التواصُل الاجتماعي، وخِدْمات المراسلة.

الإرهاب اليساري والفوضوي 
وقعت جميعُ الهجَمات، ومعظمُ المؤامرات المنسوبة إلى الجماعات اليسارية والفوضوية (الأناركية) في إيطاليا، وأحبطت فرنسا هجمةً واحدة من هذا النوع. 





وفي معظم الحالات ألحقَت هذه الهجَماتُ
الضَّرر بالممتلكات الخاصَّة والعامَّة (مثل المؤسسات المالية والمباني الحكومية). وانخفض عددُ الاعتقالات المتعلِّقة بالإرهاب اليساري والفوضوي إلى أكثرَ من النصف، مقارنةً بعام 2019م، فبلغ 52 معتقلًا فقط، ويرجع ذلك إلى انخفاض الاعتقالات في إيطاليا (24 معتقلًا في عام 2020م، مقارنةً بنحو 98 في عام 2019م). ومع ذلك ظلَّ أعلى ممَّا كان عليه في عام 2018م، الذي شهد 34 اعتقالًا. وتوزَّعَت اعتقالاتُ المشتبَه بهم من إرهابيي اليسار بين إيطاليا (24 معتقلًا)، واليونان (14معتقلًا)، وفرنسا (11 معتقلًا)، وإسبانيا (معتقلان) والبرتغال (معتقل واحد). وكان %70 من الموقوفين ذكورًا، وبلغ متوسِّط أعمارهم 40 سنة للرجال و34 سنة للنساء.

واستمرَّ التطرفُ اليساري والفوضوي في تهديد النظام العامِّ في عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، واستمرَّت شبكةُ الإنترنت الوسيلةَ الرئيسة للإرهابيين اليساريين والفوضويين، في إعلان مسؤوليتهم عن الهجَمات ونشر الدعايات والتجنيد.

المنشقُّون في أيرلندا الشمالية وإسبانيا
في عام 2020م ظلَّ التهديدُ الذي تتعرَّض له أيرلندا الشَّمالية من الجماعات الجمهورية المنشقَّة، عند درجة (شديد)، كما حدَّدَته المملكة المتحدة من قبلُ، ممَّا يعني أنَّ الهجوم محتمَل جدًّا. ونجد عددًا من المجموعات الناشطة، التي كانت تتبنَّى أفكارًا ومشاعرَ معاديةً لبريطانيا، قد تطوَّرت في أعقاب اتفاقية الجمعة العظيمة في عام 1998م، وإنَّ التهديد الحالي ينبُع أساسًا من مجموعتين من تلك المجموعات هما: الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد (NIRA)، والجيش الجمهوري الأيرلندي المستمرُّ (CIRA). ومع أنَّ القيود الحكومية التي شهدها عام 2020م لاحتواء وباء كورونا كان لها أثرٌ في قمع أنشطة هذه المجموعات، نراها قد بدأت في العودة إلى مستوياتها السابقة من النشاط في العمليات. وتضمَّنت هجَماتهم استخدام أسلحة نارية أو عُبوات ناسفة صغيرة، كما استخدموا أجهزةً أكبر حجمًا وأكثر تدميرًا مثل العُبوات الناسفة المحمولة على السيارات والقذائف.

ويكاد يُحصَر دعمُ الجماعات الجمهورية المنشقَّة في كلٍّ من أيرلندا وأيرلندا الشَّمالية، ولا سيَّما الدعمِ بالتمويل أو بالحصول على الأسلحة. وتحظى أعمالهم الإرهابية حاليًّا باهتمام أكبرَ في وسائل الإعلام الدَّولية؛ بسبب قضية الحدود الأيرلندية، بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. 

وشهدت إسبانيا زيادةً في النشاط الانفصالي العنيف في عام 2020م، مقارنةً بالعام السابق، على الرغم من دعَوات الجماعات الانفصالية إلى مبادرات بديلة غير عنيفة، بدا أنَّ بعضَ الانفصاليين مدفوعون بروايات أكثرَ عنفًا، فنفَّذوا عددًا من أعمال العنف، ممَّا يُظهر تحوُّلًا إلى أساليبَ أكثر عُدوانية في المشهد الانفصالي الإسباني. ونفَّذ مسلَّحون انفصاليُّون تسع هجَمات صُنِّفَت على أنها إرهابية، نُفِّذَ معظمُها لدعم سجناء منظمة (إيتا) المضربين عن الطعام. 

وظلَّت منظمة (إيتا) الانفصاليةُ في إقليم الباسك الإسباني خاملةً عام 2020م، ولم ترتكب أيَّ هجَمات إرهابية منذ عام 2009م. وعلى الرغم من إعلان حلِّ المنظمة ونزع سلاحها في عام 2018م، فقد اكتُشفَت ثلاثةُ مخابئ أسلحة تابعة لها في عام 2020م، حوت أسلحةً ومتفجِّرات بمختلِف أنواعها، واعتُقل 12 شخصًا بتُهَمٍ تتعلَّق بالإرهاب الانفصالي في إسبانيا، كان منهم إحدى الأعضاء في المنظمة وهي متهمة بالتورُّط في اغتيال سياسي في عام 2001م، وثلاثة أعضاءٍ آخرين بتُهَمِ الانتماء إلى منظمة إرهابية (إيتا)، وحيازة متفجِّرات لأغراض إرهابية.

حزب العمَّال الكُردستاني
واصلَ حزبُ العمَّال الكردستاني تجنُّبَ شنِّ هجَمات على أراضي الاتحاد الأوروبي، لكنَّه ظلَّ ناشطًا في الحشد غير العنيف؛ لتوفير الدعم المالي والخِدْمي لعناصره في تركيا والدول المجاورة، مستخدمًا كِياناتٍ معترَفًا بها قانونًا، مثل الجمعيات الكُردية.

وأفاد عددٌ من الدول الأوروبية أنَّ لجائحة كورونا أثرًا سيِّئًا في نشاط حزب العمَّال الكُردستاني، بسبب قيود السفر والتجمُّع التي حدَّت من أنشطة الحزب في الاحتجاج وجمع التبرُّعات، فقد كان الحزب ينظِّم مظاهراتٍ لترويج أهدافه والاحتجاج على التدخُّلات العسكرية التركية في سوريا، والسياسات المتعلِّقة بالقضية الكُردية. ومعظمُ هذه النشاطات كانت سِلمية، إلا أنَّ بعضَها تضمَّن أعمالَ شغب عنيفة؛ بسبب المواجهات مع المتظاهرين القوميين الأتراك. وأبلغَت النمسا، وهولندا، على سبيل المثال، أن اضطراباتٍ وقعَت بين أعضاء حزب العمَّال الكُردستاني وجماعة الذئاب الرمادية التركية في أثناء نشاطات حزب العمَّال الكردستاني أو بعدها.

وسافر عددٌ من أفراد الحزب من أوروبا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى القوَّات الكُردية، وأبلغت بلجيكا عن سفر تسعة بلجيكيين من أصل كردي للانضمام إلى الصراع في سوريا والعراق عبر شبكات تجنيد حزب العمَّال الكردستاني، عاد خمسةٌ منهم وقُتل واحد، وحُكم على رجل في المملكة المتحدة بالسَّجن مدَّة عام لحضوره معسكرات تدريب الحزب في العراق.

إرهاب برعاية الدولة 
إضافةً إلى الأعمال الإرهابية التي يرتكبها المتطرفون المحلِّيون أو التنظيماتُ الإرهابية الأجنبية، أعربت الدولُ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أيضًا عن قلقها بشأن الهجَمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي، التي تُرتكَب نيابةً عن الحكومات الأجنبية. ويمكن لمثل هذه الأعمال أن تزيدَ الاضطرابات بين المجتمعات العِرقية والوطنية المختلفة في الاتحاد الأوروبي. وكشفت ألمانيا عن تجسُّس أجهزة استخبارات دول أجنبية على المعارضين في ألمانيا، وأظهرت الاغتيالاتُ في السنوات الأخيرة أنَّ هذه الأنشطة يمكن أن تؤدِّيَ إلى أعمال إرهابية ترعاها الدولة.

واستهدفت الاغتيالاتُ ومحاولات الاغتيال مواطنين روسًا من أصل شيشاني في عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة. وفي أواخر يناير 2020م، عُثر على منشقٍّ شيشاني مقتولًا في فندق بمدينة ليل في فرنسا. وفي 4 يوليو 2020م، قُتل مواطنٌ من أصل شيشاني بالقرب من فيينا بالنمسا. وفي أغسطس 2019م، وجَّه المدَّعي العامُّ الاتحادي الألماني اتهامًا إلى مواطن روسي بقتل مواطن جورجي من أصل شيشاني في برلين، وجاء في الاتهام أنَّ الجريمة ارتُكبَت نيابةً عن وكالات حكومية في الاتحاد الروسي.

واحتفظت إيرانُ بنشطاءَ في أوروبا قد يُطلَب إليهم تنفيذُ هجَمات إرهابية، فقد اعتقلت النمسا مواطنًا إيرانيًّا في أكتوبر 2020م؛ للاشتباه في انتمائه إلى فَيلَق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وفي بلجيكا حُكم على دبلوماسي إيراني وثلاثة بلجيكيين من أصل إيراني بالسَّجن مدَّةً تصل إلى 20 عامًا في فبراير 2021م؛ لمحاولتهم الهجومَ على اجتماع للمعارضة الإيرانية بالقرب من باريس.

وفي أبريل 2020م، حظرت ألمانيا أنشطةَ حزب الله اللبناني الإرهابي المدعوم من إيران، وفي يونيو من العام نفسه اعتُقلَ لبنانيٌّ في النمسا للاشتباه في انتمائه إلى الحزب.

كورونا والإرهاب 
لا يزال من الصعب تقويمُ أثر جائحة كورونا في وضع الإرهاب عام 2020م، وإذا كان الانخفاضُ الملحوظ في الاعتقالات المرتبطةِ بجميع أنواع الإرهاب في الاتحاد الأوروبي في ذلك العام ذا صِلة بآثار الجائحة، فإنه لا يزالُ من الصعب عزوُ التغيُّرات في النشاط الإرهابي أو في الاستجابة له إلى الجائحة، ومع ذلك ارتبطت بعضُ أعمال العنف والتهديدات بوضوح بتلك الجائحة، من ذلك إحدى الهجَمات اليمينية المتطرفة المُخفِقة في بلجيكا، نشأت عن معارضة إجراءات الحكومة بشأن وباء كورونا، واعتقلت الحكومةُ التشيكية مواطنًا بتُهمة التهديد بشنِّ هجوم إرهابي إذا لم تُفتَح المطاعمُ والحانات.

ونظرًا للقيود المفروضة على الحياة العامَّة لمكافحة كورونا، تراجعت فرصُ ارتكاب هجَمات إرهابية تُوقع عددًا كبيرًا من الضحايا؛ لإغلاق كثير من الأهداف غير المحصَّنة مثل: المتاحف، والكنائس، والملاعب، أو حصر الوصول إليها بأعداد قليلة من الناس. 

وأدَّت الإجراءات التي اتخذتها السُّلطات لمكافحة الوباء إلى انخفاض الرحلات الدَّولية في عام 2020م، وإلى تقييد حرية تنقُّل الإرهابيين مؤقَّتًا، وحدَّ الوباء من فرص اللقاءات المباشِرة بين المتطرفين والإرهابيين. في حين أدَّت الأزمةُ إلى زيادة التواصُل عبر الإنترنت بين الإرهابيين، وربما أدَّت زيادةُ الأوقات التي يقضيها الناسُ في استعمال الإنترنت أيامَ الحَجْر إلى زيادة تعرُّضهم لدعايات الإرهابيين، ولوحظ أنَّ الوباء زاد من الأنشطة اليمينية العابرة للحدود عبر الإنترنت، حين كان الاتصال الشخصيُّ بينهم مقيَّدًا.

وحاول الإرهابيون والمتطرفون من مختلِف التوجُّهات الفكرية تأطيرَ وباء كورونا بما يتفق ورؤاهم، فقد صوَّر تنظيم داعش الوباء على أنه عقابٌ من الله نزل بأعدائه، وحرَّض أتباعه على شنِّ هجَمات للاستفادة من الضعف الكبير لدول التحالف المناهضة له. وفسَّرت القاعدةُ انتشار الوباء في البلدان ذات الأغلبية المسلمة على أنه علامةٌ على تخلِّي الناس عن الإسلام الصحيح، وناشدت المسلمين أن يسعَوا إلى رحمة الله بتحرير الأسرى المسلمين، وإعالة المحتاجين، ودعم الجماعات المقاتلة. واستغلَّ المتطرفون اليمينيون الوباء لدعم خطاباتهم عن نظريات المؤامرة التي تتميَّز بمعاداة السامية، والخطاب المناهض للهجرة والإسلام. وأدخل المتطرفون اليساريون والفوضويون انتقاداتٍ للإجراءات الحكومية لمكافحة الوباء في خطابهم المتطرف.

وأظهرت الدولُ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قلقها بشأن الآثار الأمنية المحتمَلة للوباء على المستوى الفردي، فهناك خطرٌ يتمثَّل في أنَّ الوضع الذي أحدثه الوباء يمكن أن يكون عاملَ ضغط إضافيًّا للأفراد المتطرفين الذين لديهم مشكلاتٌ في الصحَّة العقلية. وقد يلجأ الأفرادُ من الذئاب المنفردة إلى العنف في وقتٍ أقربَ ممَّا كانوا سيفعلون في ظلِّ ظروف مختلفة. ومن آثار الوباء التي قد تُسهم في التطرف الذاتي: العُزلة الاجتماعية عن الأسرة والأصدقاء الناتجةُ عن القيود المؤقَّتة على حرية تنقُّل الأشخاص، وانخفاضُ الأمان الوظيفي، والصعوباتُ المالية اللاحقة، وعدمُ الرضا عن تدابير مكافحة الوباء، وزيادةُ مقدار المعلومات المضلِّلة عبر الإنترنت.

وعمومًا أسهم الوباءُ وما أعقبه من أزَمات اقتصادية واجتماعية، في رفع درجة الاستقطاب في المجتمعات، ممَّا سبَّب تشدُّدَ المواقف، وازديادَ التعبير عن عدم الرضا الاجتماعي، وأوجد هذا المناخُ فُرصًا للجماعات المتطرفة للوصول إلى جماهيرَ خارج الدوائر التقليدية الداعمة لها.

أسلحة الهجَمات الإرهابية 
وقعت معظمُ العمليات الإرهابية في عام 2020م بوسائلَ يسيرة مُتاحة، من طعن ودعس بالسيَّارات وحرق متعمَّد، واستُخدمَت الأسلحةُ النارية في الهجوم الإرهابي اليميني في (هاناو) بألمانيا في 19 فبراير، والهجوم الإرهابي في فيينا في 2 نوفمبر.

وكما في السنوات السابقة، لا تزال المتفجِّراتُ محلِّيةُ الصُّنع تُستخدَم في معظم العمليات الإرهابية المشتبَه في ارتباطها بتنظيمَي داعش والقاعدة وما شابههما في عام 2020م، ولم يعُد ثلاثي أكسيد الأسيتون (TATP) هو النوعَ السائدَ من المتفجِّرات. واشتملت طريقةُ العمل المفضَّلة في عام 2020م على استخدام خلطات منخفضة الانفجار في ظلِّ لوائح الاتحاد الأوروبي التي تقيِّد نقلَ النوع الأول (TATP) أو شراءه. ومع ذلك لوحظَ أنه جرت محاولاتٌ للحصول على هذه المتفجِّرات من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من المتاجر الإلكترونية.

وكانت الموادُّ المتفجِّرة التي استخدمها إرهابيُّو داعش والقاعدة ونظراؤهما في عام 2020م، إما محلِّيةَ الصُّنع، وإما مختلِطة (مثل: نترات البوتاسيوم، ومسحوق الألمنيوم، والكبريت)، وإما مُستخلَصة من سِلَع تجارية متاحة بسهولة (مثل: الألعاب النارية، والخراطيش)؛ لذلك كانت معظمُ الأجهزة المتفجِّرة المرتجَلة التي عُثرَ عليها مُصمَّمة في شكل أُنبوب بُدائي، أو قنابل (طناجر الضغط).

ولم يرتفع مستوى استخدام الإرهاب اليميني للمتفجِّرات في هجَماته عمَّا كان عليه في عام 2019م، ولا تزال أساليبُه في تنفيذ هجَماته الإرهابية تعتمد على عمليَّات الإحراق، وهجَمات التفجير بأجهزة حارقة مرتجَلة يسيرة، أو عُبوات ناسفة مصنوعة من موادَّ متاحةٍ بسهولة. وأظهرت بعضُ الحوادث أنَّ الإرهابيين اليمينيين لا يزالون مهتمِّين وقادرين على تصنيع متفجِّرات أكثرَ تعقيدًا، مثل ثلاثي أكسيد الأسيتون والنيتروجليسرين.

واستخدمت الجماعاتُ اليسارية المتطرفة، كما في السنوات السابقة، عُبواتٍ ناسفةً مَلأى بالسوائل أو الغازات القابلة للاشتعال، أو عُبواتٍ ناسفةً مَلأى بالموادِّ المتفجِّرة المتاحة بسهولة، مثل خليط الألعاب النارية. وأطلقَت كثيرًا من حمَلات الطرود المفخَّخة في عام 2020م، كانت غالبيَّتها عُبواتٍ ناسفةً بُدائية الصُّنع، تعمل بالبطاريات ومخبَّأة في عُبوات بريدية أو ظروف، ومجهَّزة بشِحنات حارقة أو منخفضة الانفجار.

ولم يشهد عامُ 2020م كسابقه تسجيلَ أيِّ هجَمات إرهابية باستخدام موادَّ كيميائية أو بيولوجية أو إشعاعية أو نووية، في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. ومع ذلك اختُتمَت محاكماتُ القضايا التي تنطوي على استخدام الموادِّ الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية في عام 2020م، أو التي كانت جاريةً وقت كتابة هذا التقرير. على سبيل المثال: حُكم على مرتكبَي مؤامرة الريسين الألمانية عام 2018م بالسَّجن مدَّة 10 سنوات و8 سنوات، على التوالي. وفي حالات أخرى اعتُقلَ مشتبَه بهم بعد أن أظهروا نيَّة شراء موادَّ كيميائية أو بيولوجية أو نووية عبر الشبكة المظلمة (Dark Web).

الإرهاب والجريمة
هناك قليلٌ من الأدلَّة على التعاون المنهجي بين المجرمين والإرهابيين في الاتحاد الأوروبي، على الرغم من اشتراك الطرفين في اتِّباع وسائلَ غير قانونية للوصول إلى أهدافهم. ولوحظَ تداخلٌ بين جماعات الجريمة المنظمة والمتطرفين اليمينيين، ولا سيَّما فيما يتعلَّق بشراء الأسلحة والاتِّجار بالمخدِّرات. ففي يناير 2020م اعتقلت إسبانيا 16 عضوًا في الفرع الإسباني لمنظمة دَولية مرتبطة بالاتِّجار بالمخدِّرات والاستغلال الجنسي للمرأة، تستخدم المنظمةُ العائدات لتمويل أنشطة أعضائها في الجماعات اليمينية العنيفة، ومنهم مثيرو الشَّغب في كرة القدم والجماعات النازية الجديدة. وفكَّكَت في أواخر عام 2020م تنظيمًا يتاجر بالأسلحة ويبيعها لشبكات تهريب المخدِّرات في جنوبيِّ إسبانيا، وكان من الموقوفين مواطنٌ ألماني على صِلة بشبكات اليمين المتطرف والنازيين الجدُد.

وفي أيرلندا وأيرلندا الشَّمالية تبدو العَلاقة التي تربط الجماعاتِ الجمهوريةَ المنشقَّة وجماعاتِ الجريمة المنظمة وغير المنظمة راسخة. فقيامُ الجماعات الأيرلندية بجمع التبرُّعات بالابتزاز، والاتِّجار بالأسلحة، وتهريب السجائر، والخمور، والوَقود، ثبَّت عَلاقاتها بالمجرمين المنظَّمين.

وكثيرًا ما يُحجم المجرمون الساعون إلى الربح عن التعاون مع الإرهابيين؛ لتجنُّب لفت انتباه السُّلطات إلى أنشطتهم. وعلى خلاف ذلك لوحظَ أنَّ الأفراد الذين ينتمون إلى شبكات إرهابية لديهم صِلاتٌ شخصية بالجريمة غير المنظمة. وهناك مؤشِّراتٌ أنَّ أنشطة داعش والقاعدة وأشباههما تُموَّل جزئيًّا بواسطة جرائمَ أخرى، منها: السرقةُ، والابتزاز، والاتِّجار بالمخدِّرات، وغسل الأموال، والاتِّجار بالبشَر، ولوحظ هذا الاتجاه بوضوح بين أفراد التجمُّعات الشيشانية والأفغانية وغربيَّ البلقان. وفي بعض الحالات لوحظ أنَّ الأفراد الضَّالعين في تيسير الإرهاب قدَّموا وثائقَ مزوَّرةً ومبالغَ صغيرةً من الأموال.

تمويل الإرهاب
تختلف مصادرُ تمويل الإرهاب اختلافًا كبيرًا؛ إذ يعتمد الإرهابيون على الأموال المشروعة وغير المشروعة، ويختلف تمويلُ التنظيمات الإرهابية عن تمويل الهجَمات الإرهابية التي يرتكبها إرهابيون أفرادٌ أو مجموعاتٌ صغيرة. وغالبًا ما تتَّبع الهجَماتُ التي تشنُّها جهاتٌ منفردة أو مجموعاتٌ صغيرة أساليبَ سهلةً لا تتطلَّب إنفاقًا كبيرًا، ومن ثَمَّ قد يموِّلها الجناةُ ذاتيًّا. وتصبح احتياجاتُ التمويل أكبرَ في الحالات التي ينوي فيها الإرهابيون استخدامَ الأسلحة النارية والمتفجِّرات أو غيرها من أدوات الهجوم الأكثر تعقيدًا.

وتحتاج التنظيماتُ المتطرفة والإرهابية إلى دعم ماليٍّ لتلبية احتياجاتها، مثل: الحفاظ على البنية التحتية، والتجنيد، والدعاية، وتعزيز القدُرات التشغيلية. ويمكنُ لبعض هذه التنظيمات الاعتمادُ على أعضائها لتمويل الأنشطة؛ فالتنظيماتُ اليمينية المتطرفة العنيفة في فنلندا والسويد، تموِّل أنشطتها الرئيسة بواسطة رسوم العضوية والتبرُّعات من أعضائها وأنصارها. ولاحظت بولندا أنَّ الجماعاتِ اليمينيةَ المتطرفة تموِّل أنشطتها بالأعمال التجارية الخاصَّة القانونية التي يُديرها الأعضاء، إضافة إلى إسهاماتهم. أما الأنشطةُ الإجرامية للمتطرفين اليساريين العنيفين، فعادةً ما تكون غيرَ مكلفة، وتأتي المواردُ المالية الرئيسة للشبكات ممَّا يسمَّى الأحزابَ الداعمة.

كذلك تُجمَع الأموال في أوروبا لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية خارجها بواسطة مصادرَ قانونية، مثل: جمع الأموال، والتبرُّعات. وأخرى غير قانونية، مثل: الاتِّجار بالمخدِّرات. وقد ذكرت أيرلندا 17 حالةَ اعتقال في عام 2020م متعلِّقةً بتمويل إرهاب داعش أو القاعدة أو غيرهما.

ورُصدَ جمعُ تبرُّعات لدعم النساء والأطفال المحتجَزين في مخيَّماتٍ لأعضاء داعش السابقين وعائلاتهم في شمال شرقيِّ سوريا. ورفعت سويسرا عددًا قليلًا من الدَّعاوى الجنائية المتعلِّقة بتمويل الإرهاب، تضمَّنت أفرادَ عائلات المسافرين الذين أرسلوا دعمًا ماليًّا لأقاربهم في مناطق النزاع. وأشارت السويد إلى أنَّ الأموال المحوَّلة إلى مِنطَقة النزاع في عام 2020م، كانت تهدِفُ في المقام الأول إلى دعم الأفراد المحتجَزين في المعسكرات أو السُّجون. وربما يكون هذا النوعُ من التمويل قانونيًّا في السويد، ولكنَّ هناك مخاوفَ من أنه قد يُسهم إسهامًا غيرَ مباشر في مساعدة الأفراد السويديين الذين لديهم خبرة في الصراع والقتال على العودة إلى السويد أو إلى بلد ثالث. ولاحظت إسبانيا أنَّ المقاتلين الإرهابيين الأجانب في مناطق الصراع، تلقَّوا أموالًا للعودة إلى أوروبا، واعتقلت سبعةَ أشخاص بتُهمة مساعدة مقاتلين إرهابيين مرتبطين بتنظيم داعش في مناطق الصراع.

وواصل حزبُ العمَّال الكُردستاني (PKK) جمع التبرُّعات بوسائلَ قانونية وغير قانونية في أوروبا، وشَمِلَ ذلك حمَلات جمع الأموال والتبرُّعات، والابتزاز، وأنشطة الجريمة المنظَّمة الأخرى. واعتقلت ألمانيا عددًا من أفراد حزب العمَّال الكردستاني لمشاركتهم في تنسيق حمَلات جمع التبرُّعات السنوية. وتُحوَّل الأموالُ من أوروبا إلى الإرهابيين خارجها بواسطة شركات النقل والتحويل المصرفي، والنظام المصرفي غير الرسمي المعروف باسم الحوالة، وشركات التحويل المالي مثل (موني جرام) و(ويسترن يونيون). 

وظلَّ عددُ الحالات التي تنطوي على إساءة استخدام طرق الدفع الجديدة، ولا سيَّما العُملات المشفَّرة، منخفضًا في عام 2020م. ومع ذلك تأكَّدَت إمكانيةُ استخدام العُملة المشفَّرة في تمويل الإرهاب في أغسطس 2020م، عندما أعلنت وِزارةُ العدل الأمريكية مصادرةَ أكثر من 300 حساب من حسابات العُملة المشفَّرة التي استُخدمَت في حمَلات تمويل إرهابية.

محاكمات وإدانات 
أنهت بلدانُ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا محاكماتٍ انتهت بنحو 422 حُكمًا بالإدانة أو البراءة، وسجَّلت فرنسا وألمانيا وبلجيكا أعلى عدد من المحاكمات النهائية في جرائمَ إرهابية في عام 2020م (155 و67 و52 على التوالي). 

وبعضُ الإدانات والبراءات في عام 2020م، التي أبلغَت عنها الدولُ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، نهائية، وبعضُها الآخر ينتظر الحكمَ القضائي النهائي؛ لتقديم الطُّعون من قِبَل الادِّعاء أو محامي الدفاع أو كليهما. وبلغ متوسِّطُ مدَّة عقوبة السَّجن على الجرائم الإرهابية التي أصدرتها محاكمُ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ثماني سنوات، وهو أعلى ممَّا كانت عليه في عام 2019م (ست سنوات)، وكانت أقصر عقوبة ثلاثة أشهر، وأطولها السَّجن مدى الحياة.

وكان غالبُ الإدانات والبراءات (314) على صِلة بإرهاب داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وارتبطت نسبةٌ كبيرة منها بجرائمَ تتعلَّق بالنزاع في سوريا، وأنشطة تنظيم داعش الإرهابية والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وسجَّلت فرنسا أكبرَ عدد من الإدانات والبراءات المتعلِّقة بإرهاب هذه التنظيمات (143)، تلاها بلجيكا (51) ثم ألمانيا (35).

وكانت الإداناتُ والبراءات في الجرائم الإرهابية لليسار والفوضويين ثانيَ أكبر نوع في الاتحاد الأوروبي. وكما هو الحالُ في السنوات السابقة، صدر في إسبانيا أكبرُ عدد من الإدانات والبراءات لارتكاب جرائم إرهاب انفصالية، ونظرت محاكمُ في التشيك، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا قضايا تتعلَّق بجرائمَ مرتبطةٍ بمنظمات إرهابية انفصالية. 

وارتفع عددُ الإدانات في جرائم الإرهاب اليميني عام 2020م إلى 11 إدانة، مقارنةً بستِّ إدانات عام 2019م. وكانت المشاركةُ في أنشطة جماعة إرهابية، أو تمويل الإرهاب، أو التدريب لأغراض إرهابية، من الجرائم الإرهابية الأكثر شيوعًا التي نظرتها المحاكمُ في عام 2020م، وجاءت بعدها جرائمُ نشر الدعاية الإرهابية، والتحريض على الإرهاب، والتجنيد، والتواطؤ في التحضير للجرائم الإرهابية وتسهيلها. وكان بعضُ الأشخاص الذين مَثَلُوا بين يدَي المحكمة بتُهَمٍ تتعلَّق بالإرهاب في عام 2020م، قد حُكموا سابقًا بجرائمَ إرهابية أو جرائمَ أُخرى في الدولة نفسِها العضو في الاتحاد الأوروبي أو في مكان آخر.



السفر لأغراض إرهابية ​
يُقدَّر عددُ المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأوروبيين الذين سافروا إلى مِنطَقة الصِّراع في سوريا ​والعراق بنحو خمسة آلاف مقاتل. وبدا أنَّ الحجم الإجمالي للمقاتلين الإرهابيين الأجانب في الاتحاد الأوروبي في عام 2020م، لا يزال ثابتًا نسبيًّا عند (78)، ليس بسبب القيود التي أحدثها وباءُ كورونا فحسب، ولكن نتيجة تقليص البِنى التحتية الداعمة للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق أيضًا.

وفي أثناء إعداد هذا التقرير، كان من المستحيل تحديدُ الأرقام الإجمالية النهائية للمقاتلين الإرهابيين الأجانب في الاتحاد الأوروبي؛ إذ يصعُب على الدول الأعضاء التحقُّقُ من وضعهم أو موقعهم. ومع ذلك تمكَّنت بعضُ الدول من تقديم بعض أرقام المقاتلين الإرهابيين الأجانب (الأعداد الإجمالية والعائدين والمحتجَزين والقتلى)، فقد حدَّدت فرنسا، وهي إحدى الدول التي تضمُّ أكبرَ عدد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، 1451 مواطنًا فرنسيًّا أو أجنبيًّا، تبلغ أعمارهم 13 سنة أو أكثر، سافروا من فرنسا منذ عام 2012م. وفي نهاية عام 2020م كان منهم 254 مواطنًا فرنسيًّا أو مقيمًا معتقلون في سوريا والعراق (84 رجلًا، و137 امرأة، و33 قاصرًا).

وعلمت ألمانيا بوجود أكثرَ من 1070 فردًا ألمانيًّا سافروا إلى العراق أو سوريا، انضمَّ قرابةُ نصفهم إلى تنظيم داعش أو الجماعات التابعة للقاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى، وشاركوا في قتالهم أو دعمهم بطرق أخرى. وأكثرُ من نصف الذين سافروا يحملون الجنسية الألمانية، وربعُهم من النساء، وعاد ثلثُهم، ولقي 260 شخصًا منهم مصرعَهُم في العراق أو سوريا. ولم يسافر أيٌّ من المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى مناطق النزاع من إيطاليا في عام 2020م، وعاد واحدٌ فقط. ومنذ عام 2011م انضمَّ 146 فردًا (132 ذكرًا و14 أنثى)، لهم صِلاتٌ بإيطاليا إلى الجماعات المسلَّحة في سوريا والعراق، مات منهم 53 شخصًا، وظلَّ مصيرُ 61 منهم مجهولًا، وعاد 32 منهم إلى أوروبا (10 منهم حاليًّا في إيطاليا). وصرَّحت هولندا أنَّ أرقامها الخاصَّة بالمسافرين الإرهابيين لم تتغيَّر عمليًّا في عام 2020م، فقد سافر ما يقرُب من 305 أفراد إلى سوريا والعراق، قُتل نحو 100 منهم، وعاد 60 إلى هولندا. 

وصرَّحت بلجيكا أنَّ 288 مقاتلًا بلجيكيًّا من المقاتلين الإرهابيين الأجانب كانوا في مِنطقة الصراع السوري أو العراقي منذ سقوط الباغوز في عام 2019م. ويُعتقَد أنَّ عددًا منهم، معظمُهم من الرجال، لقُوا حتفَهم حتى أواخر عام 2020م، ويُحتمَل أن يكون 134 منهم لا يزالون أحياءً. وحدَّدت النمسا 334 فردًا (257 رجلًا و77 امرأة)، ممَّن كانوا يعتزمون السفر إلى مناطق النزاع أو سافروا إليها أو عادوا منها، بينهم 104 أفراد لا يزالون في مِنطقة الصراع، و95 عادوا إلى النمسا.

وتقدِّر السويد أنَّ قرابة 100 بالغ، ومجموعةً من الأطفال لا يزالون في مناطق النزاع أو المناطق المجاورة، وأنَّ بعضَهم اعتُقلوا. ولم يكن لدى السويد أيُّ معلومات عام 2020م تشير إلى سفر أيِّ فردٍ إلى مِنطقة نزاع، لكن كان لديها عددٌ قليل من العائدين. وقدَّرت الدنمارك أنَّ ما لا يقلُّ عن 159 شخصًا سافروا منها إلى سوريا أو العراق للانضمام إلى المسلَّحين منذ صيف 2012م، وحتى إعداد هذا التقرير، كان نصفُهم تقريبًا قد عاد إلى الدنمارك أو إلى دول أوروبية أخرى، ولقيَ ثلثُهم مصرَعهم في مِنطقة النزاع.
voice Order

PDF اضغط هنا لتحميل الملف بصيغة

تحميل الملف
voice Order
العدد السادس والثلاثون
إصدار شهري يقدم قراءة لتقارير دولية حول قضايا الإرهاب
24/04/2022 16:30