تسجيل الدخول
ســـارة خـــان - المسلمة التي حاربت التطرف في بريطانيا والعالم

«سارة خان» بريطانيةٌ مسلمة من أصل باكستاني، ولدت عام 1980، ولما شبَّت عملت في مجال الصيدلة، ونشطت في مجال حقوق الإنسان ومحاربة التطرف العنيف. وعقب تفجيرات لندن عام 2005 التي نفَّذها انتحاريون إرهابيون، وأودت بحياة نحو 52 شخصًا وإصابة 700 آخرين؛ كرَّست سارةُ حياتها الشخصية والمهنية لمحاربة آفة التطرف والإرهاب؛ حيث انضمَّت إلى فريق مكافحة التطرف والراديكالية التابع لوزارة الداخلية البريطانية، وعلى مدار أكثر من خمسة عشر عامًا، اكتسبت سارة خبرات واسعة، جعلتها واحدةً من أبرز الوجوه النسائية في مكافحة التطرف في بريطانيا والعالم.

خبرات واسعة 
في عام 2018 اختارتها رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك «تيريزا ماي» رئيسةً للجنة مكافحة التطرف التابعة لوزارة الداخلية البريطانية، وقالت في إعلانها عن التعيين: «إنَّ لجنة مكافحة التطرُّف ستشكل جزءًا حاسمًا من عمل هذه الحكومة؛ لوقف آفة التطرُّف بجميع أشكاله، وسارة خان مؤهّلةٌ على نحوٍ محترف لقيادتها». وأضافت: «إنَّها ستجلبُ معها ثروةً من الخبرة والمعرفة إلى اللجنة، وهو الأمر الذي سيثبت حيويتَه عندما تعمل اللجنة على تحدِّي التطرُّف، وتقديم المشورة المستقلَّة للحكومة».

كانت «سارة خان» قد أسَّست في لندن عام 2008 منظَّمةَ مكافحة التطرُّف «إنسباير» (Inspire) للتصدي لظاهرة التطرف على المستوى العالمي، وتعزيزِ الوعي تجاه هذه الظاهرة المدمِّرة، وتقديم الدعم المادي والمعنوي والتوعوي للعاملين في هذا المجال. وتعمل منظمة «إنسباير» في مجموعةٍ من الملفات، مثل: التعليم، والتدريب، والأبحاث، والتوعية. وتسعى إلى تعزيز القيم الحقوقية والتسامح والتنوع والمواطنة بوصفها وسائل لمواجهة التطرف. وأنتجت المنظمة عدَّة مقاطع مصوَّرة للردِّ على دعاية تنظيم داعش الإرهابي بحججٍ مضادَّة مقنعة، ولاقت تلك المقاطع إقبالًا واسعًا، وحقَّقت نسبَ مشاهدات عالية على شبكة الإنترنت.

جولات ميدانية
وفي إطار عملها في مكافحة التطرُّف قامت «سارة خان» بجولات ميدانية في أكثر من ثلاثين بلدة وقرية في إنجلترا، إضافةً إلى الجولات الخارجية، وتحدَّثت مع آلاف الأكاديميين والباحثين وممثلي الحكومة، لقيادة حوار وطني بنَّاء، وتعميق الفهم حول أبعاد مشكلة التطرُّف، ومن ثَمَّ وضع حلول فاعلة لها داخل المجتمعات والمؤسسات. ونظرًا لنشاطها المتميز في مجال مكافحة التطرُّف اختارتها معظم الحكومات المركزية والهيئات العامة والمنظمات غير الحكومية والشرطة والمجتمع المدني للتعاون وتقديم الخبرات في مكافحة التطرُّف. وعملت أيضًا مستشارةً لعددٍ من الإدارات الحكومية، وعُيِّنت ضمن فريق الخبراء الاستشاري الخارجي المعني بالفتيات والنساء التابع لوزارة التنمية الدولية (DFID)، وعضو المجموعة المرجعية لخبراء مكافحة التطرف التابعة لوزارة التعليم، وقد اختيرت أخيرًا مستشارةً مستقلةً لرئيس الوزراء لشؤون التماسك الاجتماعي والعمل ضدَّ تأثير التطرُّف في المجتمعات.

جهود النساء
تؤكِّد «سارة خان» أهميةَ جهود النساء في مكافحة التطرُّف، فهنَّ عادةً ما يكنَّ الطرفَ الأقوى في هذه العملية، إذ تمتلك النساء القدرةَ على الملاحظة المبكرة للتطرُّف داخل العائلة، وهذا ما جعل لمشاركتهن في عمليات المكافحة أثرًا إيجابيًّا في المجتمع عامةً؛ لذا صُممت برامجُ خاصة لتدريب النساء وتوعيتهن، وتوفير أدوات فاعلة لحماية أطفالهن من الأيديولوجية المتطرفة. وفي عام 2015 عندما أعلن تنظيم داعش الإرهابي دولة الخلافة المزعومة، أطلقت «سارة خان» حملةً مضادَّة للدعاية الداعشية، وأدَّت النساء والأمهات دورًا مهمًّا في محاربة هذه الدعاية الإرهابية عبر حملات التثقيف والتوعية المجتمعية. 

وتنادي «سارة خان» بضرورة تشجيع النساء على الوقوف في وجه أنواع العنف كلِّها، وتحدِّي الذين يستخدمون المرجعية الإسلامية استخدامًا مشوهًا للتحريض على العدوانية أو ممارستها، تقول سارة: «نؤمن كنساء مسلمات أننا لا يمكننا الجلوس صامتات ونحن نشاهد اسم ديننا يستخدم لتبرير الجرائم، فمن واجبنا إسماع أصواتنا، واستعادة إيماننا حتى لا يبقى مخطوفًا من قِبل أفراد ومنظمات يحرضون على العنف باسم الإسلام، ويقومون بأعمال عنيفة من الحقد والتطرف، هدفها الوحيد هو إيجاد عالم محطَّم.»

خطأ كبير
 وتؤكِّد «سارة خان» أيضًا أن الاعتقاد بأن الإرهابَ ظاهرةٌ خاصة بالإسلاميين خطأ كبير؛ فالتطرُّف خطرٌ يمكن أن ينبثق من أوساط كلِّ الديانات، ويمكن أن يستهدف أيَّ مجموعة في العالم؛ بل هناك زيادة في أنواع التطرف، سواء أكان تطرُّف النازيين الجدد في ألمانيا، أو تطرُّف الجماعات القومية الهندية، أو تطرُّف اليمينيين في أوروبا وأمريكا الذي نلحظه اليوم في تنامٍ لافت ومطَّرد.

وترى «سارة خان» أن ممارسات المتطرفين تثير مشاعرَ الكراهية والعنصرية وتعمِّقها، إذ يهاجم المطرفون أناسًا ذنبهم الوحيد أنهم فقط مغايرون ومختلفون عنهم، فالمتطرف تتملكه العنصرية ولا يرغب في رؤية التنوع في المجتمع، ولهذا السبب فإن الدفاع عن قيم حقوق الإنسان، والمساواة بين الناس، والتنوع في المجتمعات؛ أمورٌ مهمَّة ينبغي تعزيزها في سبيل محاربة آفة التطرف.

ولعملها المتميز في محاربة الإرهاب حصلت «سارة خان» على كثيرٍ من الجوائز والأوسمة، منها وسام (DBE) أحد أقدم الأوسمة البريطانية، الذي يمنح لمن قدَّم خدماتٍ متميزةً للمملكة المتحدة. وقد اختارتها صحيفة «ديبريتس» وصحيفة «صنداي تايمز» من بين 500 شخصية مؤثِّرة تعمل من أجل مجتمع أكثر سلامًا وأمانًا.
10/12/2023 09:31